سمارت هومز

دور السمارت هوم في التصميم الداخلي للمنازل

تخيّل منزلًا تتغير فيه ألوان الجدران وفقًا لحالتك المزاجية، أو مفرش الطاولة يتبدل شكله تلقائيًا عند استقبال الضيوف في حفلة عشاء. منزل تتفاعل فيه كل قطعة من التصميم الداخلي للمنازل، من الوسائد إلى أغطية المصابيح، معك بطريقة ذكية. قد يبدو هذا وكأنه مشهد من أحد أفلام هاري بوتر، لكن هذه التصاميم السحرية للديكور الداخلي قد تصبح واقعًا ملموسًا في المستقبل القريب، ملامح تطور التصميم الداخلي للمنازل، حيث تلعب تقنيات البيوت الذكية دورًا محوريًا في خلق بيئة متجددة ومتجاوبة.

البيوت الذكية بين الواقع والخيال

الواقع أن العديد من المنازل باتت تعتمد على تقنيات ذكية في تفاصيلها اليومية. ووفقًا لإحصائيات حديثة من منصة Statista، من المتوقع أنه بنهاية عام 2019 سيكون هناك أكثر من 45 مليون جهاز منزلي ذكي مثبت في البيوت الأمريكية، مع توقعات بوصول قيمة هذه السوق عالميًا إلى 107.4 مليار دولار بحلول عام 2023. وفي المملكة المتحدة، يُقدّر أن واحدًا من كل أربعة أشخاص يمتلك جهازًا منزليًا ذكيًا، مثل السماعات الذكية، أو منظمات الحرارة، أو أنظمة الأمان الحديثة. 

بل وبدأت الحكومة البريطانية بالفعل بتمويل برامج تهدف لتعليم كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة كيفية استخدام هذه التقنية لتعزيز استقلالهم وأمانهم.

ورغم هذا الانتشار في التصميم الداخلي للمنازل، لا يزال تصور الكثيرين للبيت الذكي أقرب إلى أفلام الخيال العلمي منه إلى الواقع الحي؛ منزل بجدران شفافة، وأجهزة تتنبأ بكل رغبة قبل أن تُطلب، حيث تتحكم أليكسا في كل شيء. ولكن، ماذا لو كانت البيوت الذكية في المستقبل لا تقتصر على الأدوات والتوصيلات؟ ماذا لو أصبحت التكنولوجيا وسيلة لإضفاء الجمال والراحة على المساحات المحيطة بنا، بدلًا من مجرد كونها أدوات للسيطرة والتحكم؟

كيف تعمل هذه التقنية؟

ضمن دراسة للدكتوراه، يعمل فريقين بالتعاون معًا  Open Lab وNORTH Lab في جامعة نيوكاسل على تطوير أنواع جديدة من العناصر التفاعلية التي يمكن استخدامها في تصميم الديكورات الداخلية، والتصميم الداخلي للمنازل. 

نعتمد في هذه التصاميم على أقمشة حرارية يتغير لونها حسب درجة الحرارة، وأسلاك SMA القادرة على التحرك والانحناء، بالإضافة إلى الأقمشة الإلكترونية (e-textiles) التي تسمح بالحس التلقائي دون الحاجة لأجهزة مرئية.

الفكرة هي ابتكار عناصر ديكورية ديناميكية تتغير وتتفاعل حسب طريقة استخدامها، بدلًا من أن تكون مجرد قطع ثابتة في المكان. تخيّل مثلًا حفلة عشاء، حيث لا تقتصر الطاولة على مفرش عادي، بل تمتد أمامك قطعة تفاعلية تتغير بحسب اللمس والتفاعل مع أدوات الطعام المحيطة بها. 

لا يقتصر التغير على اللون أو النقش فقط، بل يشمل أيضًا الملمس والشكل وحتى الحركة. سيشعر الضيوف بدهشة حقيقية وهم يشاهدون المفرش يتغير ويتشكل أمام أعينهم، مما يضفي على تجربة العشاء طابعًا فريدًا ولا يُنسى.

والأجمل من ذلك، أنك لست بحاجة لتخيل هذا المشهد  لقد قمنا بالفعل بتطوير هذه التقنية. وعندما اختبرناها في بيئة حقيقية، لاحظنا أن العديد من الأشخاص أبدوا فضولًا تجاهها، بل إن بعضهم تعامل معها كما لو كانت كائنًا حيًا، وبدأ بمداعبتها بفضول ودهشة. يمكنك مشاهدة ذلك بنفسك في هذا الفيديو.

مميزات الديكور التفاعلي في المنازل الذكية

لا تقتصر فائدة العناصر الديكورية التفاعلية على الجمال فقط، بل تُضيف تجربة معيشية غامرة ومريحة. يمكن لغرف المنزل، والتصميم الداخلي للمنازل أن تتغير بحسب الوقت أو الحالة المزاجية؛ فمثلًا، تتبدل غرفة النوم تلقائيًا من أجواء دافئة ومريحة في المساء إلى مساحة منعشة في الصباح تساعدك على بدء يومك بنشاط. كما يمكن ربط هذه التغييرات بعوامل خارجية مثل مشاعر الأصدقاء أو حتى نبضات قلب الشريك عن بُعد.

إلى جانب ذلك، تمتد التطبيقات لتشمل الاستخدامات العملية في أماكن مثل الفصول الدراسية. فبفضل التأثيرات النفسية المعروفة للألوان، يمكن ابتكار بيئات تعليمية تتكيف مع نوع النشاط، مما يخلق جوًا يساعد على تهدئة الأطفال أو تحفيزهم بحسب الحاجة. هذه الإمكانيات تجعل من الديكور التفاعلي وسيلة فعالة لدمج الراحة النفسية مع الابتكار التقني داخل المساحات اليومية.

 

في النهاية، البيت الذكي لم يعد مجرد فكرة مستقبلية أو رفاهية محصورة بالأفلام، بل أصبح واقعًا يتطور بسرعة ويمتد تأثيره ليشمل حتى تفاصيل التصميم الداخلي للمنازل. من خلال دمج التكنولوجيا مع الجماليات، بات بالإمكان تحويل المساحات التقليدية إلى بيئات تفاعلية تنبض بالحياة، تواكب احتياجاتنا وتعزز من راحتنا وتجاربنا اليومية. ومع استمرار الابتكار، يبدو أن مستقبل المنازل سيكون أكثر دفئًا وتفاعلًا مما كنا نتخيل.

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *