أبل، جوجل، وأمازون تتعاون لتبسيط تكنولوجيا المنازل الذكية من خلال مساعد صوتي

في خطوة مفاجئة وغير معتادة، أعلنت شركات التكنولوجيا العملاقة أبل وجوجل وأمازون عن شراكة جديدة تهدف إلى جعل تقنيات المنازل الذكية أكثر سهولة وتوافقا للمستخدمين من خلال مساعد صوتي.
التحالف الجديد، الذي يضم أيضًا تحالف Zigbee وعددًا من الشركات الأخرى مثل IKEA، يسعى لتطوير معيار موحد يسمح للأجهزة الذكية بالعمل بانسجام مع مختلف الهواتف الذكية والمساعدات الصوتية، بغض النظر عن الشركة المصنعة.
اللعب النظيف من عمالقة التكنولوجيا
يصف المحللون هذا التعاون بأنه خطوة مفاجئة وغير معتادة، خاصةً في ظل التنافس الشرس الذي طالما ميز العلاقة بين هذه الشركات العملاقة في سوق المنازل الذكية و الـ مساعد صوتي، حيث تسعى كل شركة للهيمنة على تجربة المستخدم داخل المنزل عبر مساعداتها الصوتية وأنظمتها الخاصة. فلطالما كان كلٌ من أبل وجوجل وأمازون يعمل بمعزل عن الآخر، ويطور بيئة مغلقة تحفز الولاء للعلامة التجارية وتقيد المستخدم ضمن منظومة واحدة.
لكن يبدو أن الزمن قد تغير، وأن الشركات بدأت ترى قيمة التعاون الاستراتيجي في خلق معايير موحدة تخدم الجميع. وقالت المحللة كارولينا ميلانيسي من شركة Creative Strategies:
إذا نظرت إلى أسماء مثل أبل وجوجل وأمازون، فآخر ما تتوقعه هو أن يتعاونوا. لكن هذه الخطوة منطقية جدًا، فهي توسع من السوق، تزيل الحواجز التقنية أمام المستهلك، وتفتح فرصًا أكبر للجميع للاستفادة من هذا النمو المتسارع في سوق المنازل الذكية.
هذا التحول لا يعني نهاية التنافس، بل يشير إلى تحول في طبيعة المنافسة من الصراع على الحصص، إلى بناء بيئة متكاملة يستفيد منها الجميع، وعلى رأسهم المستخدم النهائي.
نهاية الانقسام بين المساعدات الصوتية؟
حتى الآن، كانت الشركات المصنعة للأجهزة الذكية مضطرة لاختيار مساعد صوتي واحد فقط لتوافق أجهزتها معه. فبعض الأجهزة تعمل مع أليكسا دون دعم لـ سيري، أو تدعم Google Assistant دون أن تتوافق مع Apple HomeKit.
على سبيل المثال، أجهزة Hive لا تزال حتى اليوم لا تدعم منصة Apple HomeKit رغم وعودها المتكررة منذ سنوات، مما يمنع استخدامها مع Siri أو تطبيق المنزل في الآيفون. بينما يدعم نظام MyQ الخاص بأبواب الجراج المساعد الصوتي من جوجل، لكنه لا يعمل مع أليكسا من أمازون.
لكن وفقا لما تم الإعلان عنه، من المتوقع أن يصبح بإمكان المستهلكين قريبًا استخدام أجهزة من مختلف العلامات التجارية دون القلق بشأن التوافق مع النظام الصوتي الذي يفضلونه.
الأجهزة الحالية ستبقى تعمل
على الموقع الرسمي للمشروع، ذكرت الشركات:
يمكن للعملاء أن يطمئنوا بأن الأجهزة التي يختارونها ستعمل في منازلهم، ويمكن إعدادها والتحكم بها عبر النظام الذي يفضلونه.
كما أوضحت الشركات أن الأجهزة المنزلية الذكية الحالية ستظل تعمل حتى بعد إطلاق المعيار الجديد، إلا أن التفاصيل الفنية الأولية للمعيار لن تنشر قبل نهاية عام 2020 على أقرب تقدير.
التركيز الأول: أمن المنازل
أشار المحلل آدم سيمون من شركة Context لأبحاث السوق إلى أن الفئة الأولى التي سيشملها المعيار الجديد ستكون الأجهزة الأمنية مثل الأقفال الذكية، والكاميرات، وكاشفات الدخان، وأجهزة استشعار الحركة.
وأوضح أن الأبحاث أظهرت أن الدافع الأهم وراء شراء الأجهزة الذكية لدى المستخدمين هو الشعور بالأمان وراحة البال.
لكن سيمون حذر من أن تعزيز التوافق بين الأجهزة لا يجب أن يأتي على حساب الأمان السيبراني. وقال:
في النهاية، منظومتك الذكية قوية بقدر أضعف جهاز فيها. إذا كان هناك جهاز يفتقر لمزايا الأمان، فقد يشكل ثغرة تهدد أمن المنزل بأكمله. لذلك يجب أن يكون الأمن هو الأولوية القصوى في هذا التعاون.
مستقبل المنازل الذكية يبدأ الآن
التوقيت اللافت لهذا الإعلان، الذي جاء قبل أيام فقط من انطلاق معرض الإلكترونيات الاستهلاكية CES في لاس فيغاس، ليس محض صدفة، بل يعد رسالة استراتيجية واضحة من الشركات الثلاث مفادها أن المستقبل الذكي سيكون موحّدًا أكثر من أي وقت مضى. في هذا الحدث العالمي، الذي يعد أكبر تجمع سنوي لتقنيات المستهلكين، تسعى كبرى الشركات عادة إلى استعراض عضلاتها وإبراز تفوقها، لكن هذا الإعلان يكسر النمط المعتاد، ويعكس رغبة في تغيير قواعد اللعبة.
تريد الشركات أن توصل للمصنعين والمطورين والمستهلكين على حد سواء أن المرحلة المقبلة ستشهد تقنيات أكثر توافقًا وسلاسة في الاستخدام، بغض النظر عن النظام الأساسي أو مساعد صوتي الذي يفضلونه. فبدلاً من بيئة مجزأة تعاني من ضعف التوافق، تسير الصناعة الآن نحو تجربة منزلية ذكية متكاملة، يمكن للجميع الاستفادة منها بسهولة ودون تعقيدات تقنية.
تقول ميلانيسي:
قد لا نرى هذا المعيار يُطبق بشكل فعلي في CES 2020، لكن المؤكد أن الجميع سينتظر ما ستحمله النسخة التالية من المعرض عندما تتضح ملامح المعيار الجديد بالكامل.
تحالف أبل وجوجل وأمازون يمثل تحولًا مهمًا نحو عالم منازل ذكية من خلال مساعد صوتي أكثر توافقًا وسلاسة. بدلاً من الاعتماد على نظام واحد، سيستمتع المستخدمون قريبًا بتجربة متكاملة تجمع بين الأجهزة والمساعدات الصوتية المختلفة بسهولة وأمان.
ورغم وجود تحديات، خصوصًا في جانب الأمان، إلا أن الخطوة تفتح بابًا لمستقبل تقني أبسط وأكثر فائدة للجميع. المنزل الذكي لم يعد حلمًا بل واقعًا يتطور نحو الأفضل.